خدام الوطن الأوفياء..ورجال المواقف والأزمات

لا يخلو مجتمع من المجتمعات الإنسانية من المشاكل والمواقف الصعبة وهذه سنة الحياة، فالحياة بطبيعتها لا تسير على وتيرة واحدة ولا تكف عن إلقاء الصعاب والمشاكل في طريقنا ولا ينتهي عالمنا من مواجهة مواقف الحياة الصعبة والرجال الأقوياء من الشرفاء النزهاء الأغنياء معنوياً ومادياً هم وحدهم القادرين على التعامل مع مواقف الحياة الصعبة بحكمة وذكاء ويعرفون متى عليهم مواجهة هذه الصعاب، فالشدائد وحدها تكشف كوامن الأخلاق وسلوكيات ومرؤة وصدق وشجاعة الرجال، وتسفر عن حقائق النفوس، ولا تُعرف الرجال إلا عند المواقف والفتن والأزمات، فالرجال والمواقف تصنع بعضها البعض،ولولا المواقف لم يعرف الرجال الصادقين ولولا الرجال لما كانت المواقف التي يقف عندها الأجيال الذين من بعدهم !! فالمواقف هي معيار الرجولة!!.

وفي جائحة كورونا التي عرفها بلدنا الحبيب حصل التمايز وعرفنا من هم الرجال الحقيقين ومن هم الذكور فحسب !!!.

وفي خطوة اعتراف بالمجهودات التي يقوم بها رجال الأمن منذ انتشار جائحة فيروس كورونا  للحد من تفشيه عن طريق السدود الإدارية لضبط تنقلات المواطنين، والحرص على التطبيق الكلي لإجراءات السلامة بمراقبة التنقلات.

وتشجيعا لهم على مجهوداتهم في مواجهة فيروس “كورونا” وتعريض أنفسهم للخطر، بحكم تواجدهم في الصفوف الأمامية لمواجهة الجائحة.

وعلى رأس قائمة هؤلاء السيد عبد اللطيف الحموشي المدير العام للأمن و المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، والسيد محمد ادخيسي  مدير مديرية الشرطة القضائية، والسيد المنسق العام إدريس المنصوري، والسيد المفتش العام ونائبه، هذا على مستوى الإدارة المركزية، أما فيما يخص جهة الدار البيضاء الكبرى التي نعرفها حق المعرفة بحكم تواجد مجموعتنا الإعلامية، من هنا نحيي السيد والي امن الدارالبيضاء الكبرى ونائبه السيد حميد بحري، ورئيس المنطقة الأمنية أنفا السيد الخراف الحبيب، و السيد عزيز كمال الإدريسي رئيس  المصلحة الولائية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، ورئيس الهيئة الحضرية، والسيد عبد المومن الماعوني رئيس الأمن الإقليمي للمحمدية، والسيد عبد الغاني الفكاك رئيس المنطقة الأمنية سيدي البرنوصي، وجميع رؤساء المناطق الأمنية بولاية أمن الدار البيضاء الكبرى من دون استثناء..

“الرجال حصون يبنيها الإحسان ويهدمها الحرمان، وتبلغ بثمرها البر واليسر، ويمحقها الجفاء والكبر، والجبان مقتول بالخوف قبل أن يقتل بغيره، والشجاع حي وان خانه العمر حاضر وان غيبه القبر، ومن طلب المنية هربت منه كل الهرب، ومن هرب منها طلبته اشد طلب “، وهكذا فلا يُعرف الحليم إلا عند الغضب، ولا الشجاع إلا في الحرب، ولا الأخ إلا عند الحاجة.

 إن المواقف الصعبة تحتاج إلى مثل هؤلاء الرجال الذين ذكرناهم أعلاه بأسمائهم وصفاتهم إلى نوع من المرونة وتقديم التنازلات كي يمر الموقف بسلام وبدون خسائر تذكر، فهؤلاء رجال الحلول، الأمن أصبح هو جود الحلول وليس القضايا، فالرجل الحكيم الحليم الواعي عندما يواجه أحد المواقف الصعبة يقوم بدارسة الموقف من جميع جهاته لكي يعرف ما الذي يستطيع التنازل فيه وما يجب التمسك به وان لا يسلك مسلك العناد والمكابرة في تقديم أي تنازلات لحل المشكلة وان يتحلى بقدر من المرونة في التنازل عن ما هو ممكن لكى يستطيع تجاوز المشكلة والموقف الصعب بهدوء، ومن اكبر الأخطاء التي يقع فيها بعض الساسة إذا جاز التعبير أن نطلق عليهم ساسة هو التعامل مع الأمور بعواطف مفرطة ومواجهة المواقف الصعبة بانفعال وفقدان الأعصاب وهذا التعامل بالطبع يشتت التركيز ويجعلهم غير قادرين على التفكير بهدوء لحل المشكلة، هناك نوع من المواقف يحتاج من الرجل أن يأخذ الخطوة الأولى وان يكون مبادر في حلها حتى لا تتعقد وتتشابك أكثر من اللازم ويحتاج الموقف إلى وقت ومجهود أكبر لحله، فتعامل البعض مع بعض المواقف الصعبة كأنها غير موجودة وأن الوقت سوف يحله هو تعامل خطأ لا شك، وهناك مواقف تحتاج لهذا النوع من التعامل ولكن هناك مواقف أخرى يعتبر فيها مبادرة الرجل هو مفتاح حلها وأول خطوة لانقشاع الأزمة

إن بلدنا اليوم يتوفر رجال الدولة من العيار الثقيل، وذلك بسبب حسن تدبير المواقف الصعبة والعُسر الشديد والأزمات والمحن وعظائم الأمور، فمَن الذي يثبِّت في هذه الحالة؟ ومَن الذي يقوم بواجب التثبيت؟ أنهم رجال المواقف فمثل هذه المواقف الصعبة تحتاج إلى رجال يقفون وقفات جدية، بصلابة لتحدي تلك المواقف وتوجيهها بما يخدم المصلحة العامة،ولا شك أن التضحية من القيم والمبادئ الكبرى ومن أسمى المعاني، وأنبل المشاعر وأن الرجال الكبار من أصحاب الهمم العالية، يأتي بهم الزمان تعويضاً عن حِقب أجدبت من الرجولة، وأقفرت من العزمات، وتجود بهم الأمم بعد مخاض عسير، وآلام مبرحة، وأزمات شداد، لتبرهن بهممهم على معدنها الأصيل.

إن الرأسمال الحقيقي والثروة الحقيقية للأمم والشعوب هما بدرجة الأولى الأشخاص المنتجون والعقول المبدعة القادرة على العطاء باستمرار ودونما نضوب، وطالما أننا نؤسس اليوم مجدداً لدولة الوفاء، فأبسط المبادئ أن تؤسس لشيء عظيم وأن تكون وفياً مع من يستحق الوفاء والتقدير ممن لديهم دراية بالقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعروفين بنباهتهم وما يحملونه من قوة فكرية وسياسية، فالحكمة والحنكة هي متطلبات أساسية في مثل هذا الوقت وهذه المرحلة، ويفترض توفرها في الرجل المناسب في الزمان والمكان المناسب، فالرجال الذين يتحلون بالصفات المنفتحة والفكر النير المتطور، المشهود لهم بالمواقف الإنسانية والتاريخية النزيهة والكريمة الحافلة بالعطاء والبذل والآمال والطموحات هم من يجعلنا نثق ونطمئن لوجودهم ونجزم بأن المستقبل سيكون معهم أفضل وفي أي مكان يكونوا فيه سينجزون ويقدمون المزيد من العطاء والتطوير…

لهذا فإن أي فكرة أو مشروع بنائي أو إصلاح أمة أو شعب، إنما يكون وراءه أناس عظماء، من أصحاب الكفاءات والقدرات العلمية المؤمنون بفكرتهم، العاملين عليها، حتى يصلون إلى أهدافهم، في بناء دولة مدنية حديثة ومجتمع مدني متماسك يسوده الأمن والاستقرار، كل هذا يحتاج إلى رجال دولة ممن يستطيعون أن يديروا زمام الأمور ويواكبون مسيرة التطور والتقدم نحو الأمام أسوة بالدول المتقدمة، أكثر من حاجتنا إلى رجال سياسة أو قادة أحزاب، فالسياسة ما هي إلا الصراع الدائم على كراسي الحكم والتنافس على المكاسب المادية للحزب أو للشخص الفرد فقط.. ولهذا يجب علينا أن نتنافس على الإبداع والابتكار للنهوض بالوطن والأمة والأمن، لا أن نتنافس ونتسابق على المنصات وكراسي السلطة والحكم فهذا التنافس والصراع يدفع ثمنه في النهاية المواطن والوطن،  وعليه فان النهج الذي لا ينبت رجالاً عظماء عاليين الهمة يجب إعادة النظر فيه. والحليم تكفيه الإشارة والله من وراء القصد.

وتأتي هذه الجهود بفضل الحرص الملكي الدائم على التخفيف من حدة المعضلة الاجتماعية والوقوف الميداني على أحوال الفئات والمناطق التي تعاني الفاقة والضعف.
وتترجم هذه المقاربة الملكية الشمولية للشأن الاجتماعي الوطني، الاهتمام الموصول لجلالته بالفئات والمناطق الأكثر خصاصة في إطار نظرة تفاعلية للإنسان والتراب، وتؤكد انشغال فكره حفظه الله بأوضاعها منذ توليه عرش أسلافه المنعمين، وذلك من خلال حرصه الدائم على التخفيف من حدة المعضلة الاجتماعية ووقوفه الميداني في مختلف ربوع المملكة على أحوال الفئات والمناطق التي تعاني الفاقة والضعف.

وقد أنعم الله على بلدنا بملوك أخيار كانوا حريصين على شأن الأمة دينا ودنيا،وأن هذا ما نراه اليوم من رائد الأمة وقائدها الملهم أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الذي يواصل بحكمة وثبات إقامة الأوراش الكبرى والمشاريع العظمى وبتوجيهاته السديدة ليرقى بشعبه وأمته إلى التقدم والكمال في كل ميدان ومجال مما أكسبه رضى الله تعالى ومحبة شعبه الوفي.

وبهذه المناسبة نوجه تهنئة خالصة إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله وأيده. ونرفع برقية إلى أمير المؤمنين حفظه الله: »وإنه ليطيب لنا في غمرة الابتهاج، بمرور هذه العملية الجراحية، في ظروف حسنة، ووجود جلالتكم بحالة جيدة، أن نرفع لجلالتكم، أحر التهاني، مشفوعة بأخلص الدعاء لجلالتكم بالشفاء التام، وبأصدق المتمنيات بموفور الصحة والهناء وطول العمر «.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.