فلسفة التعيينات الجديدة في المديرية العامة للأمن تجسيد للحكامة الأمنية على أرض الواقع و القرب الإنساني أنجع من القرب الجغرافي (نموذج تعيينات مراكش ابن جرير سطات..)
المغرب الجديد :
المديرة المسؤولة عن الموقع :نجاة حاسني
سيقف التاريخ طويلاً بالدرس والتقدير أمام تضحيات رجال الأمن ودورهم المشرّف في تاريخ المغرب الحديث؛ فلقد تصدروا الصفوف الأولى في معركة الحفاظ على أمن واستقرار البلاد في مواجهة المؤامرات الخطيرة التي كانت تستهدف استقرار وأمن الوطن، وهو ما كشفت عنه الأحداث التي شهدتها بلادنا خلال بداية السنوات العشرية الماضية من تفكيك العشرات من الخلايا الإرهابية الداعشية الدموية والعصابات ومافيات المخدرات العابرة للقارات.
والسبب في ذلك أن توفير الأمن يعني القدرة على تحقيق الرخاء والازدهار، وتحقيق الأمن يعني فتح الآفاق واسعة لانتعاش الاقتصاد، كما أن توفير الأمن يعني النجاح في تأمين السلم الاجتماعي، وهو أرفع مهام الدولة؛ لأن به تتحقق سلامة المواطنين وحماية المنشآت والمباني والمؤسسات الحيوية وتأمين المصانع والمزارع وكل قطاعات الإنتاج في البلاد.
رجل الأمن هو البوابة التي تعكس واجهة الأمن الداخلي للبلاد واستقراره وطمأنينته، فهو مؤهل من الناحية النفسية والاجتماعية والصحية والإدارية ليتمكن من التعامل مع مختلف أنواع ومستويات الأفراد والشخوص التي تقابله بشكل يومي في المجتمع من خلال البلاغات والمشكلات الأسرية والمجتمعية والعمالية وغيرها من الأحداث والوقائع الكثير، والتي تحتاج أيضا إلى مهارات شخصية أهمها القدرة على التحمل والمرونة في التعامل مع الآخرين، لتخفيف وطأة وحدية المشكلات التي تحاط بالأفراد وتهدئتهم ومواساتهم لعدم تفاقم المشكلة وتضاعفها، وقدرة إن أمكن على حل مشكلاتهم ودياً قبل تفاقمها وتحويلها إلى منصات القضاء، حيث أصبح مدركا تماماً مدى تأثير هذه التصرفات الإنسانية الإيجابية وآثارها المجتمعية في بناء محيط آمن ومستقر.
فكانت قنوات الاتصال المباشرة والمفتوحة مع المواطنين لتقديم أرائهم ومقترحاتهم والأخذ بملاحظاتهم للتطوير والتغيير والتنمية في كل الجوانب لهذه المنظومة الأمنية.
ومن خلال التجربة الشخصية لعبد الرحمان عفيفي ولمجموعة من الأطر الأمنية ذات التكوين العلمي العالي ، لمسنا على أرض الواقع قوة التجاوب والعلاقة السلسة بين المواطن ورجل الأمن، ما جعلنا نفخر بالمنظومة الأمنية وكوادرها في مملكة المغربية، والثقافة الأمنية لعبد الرحمان عفيفي الذي يتميز بشخصية متواضعة وعلمية مثقفة وسلسة في التعامل والفكر الرصين المدرك في تقييم المواقف ومعالجتها لخدمة الوطن وأبنائه من الناحية الإنسانية قبل القانونية، حيث هي الشخصية الأمنية التي تعكس الصورة الإيجابية والآمنة للأمن والاستقرار، كانت أبوابه كمسؤول مفتوحة لمناقشة وتداول ملاحظات واقتراحات أفراد المجتمع والأخذ بها بعين الاعتبار لما قاله من قول حكيم وفكر رصين يؤكد هذه السياسة المفتوحة والعلاقة الوطيدة بين الأمن والمجتمع: «إن آراءكم ومقترحاتكم وملاحظاتكم هي تقييم على أدائنا وعملنا الأمني فهي جوهر استقامتنا وعطاؤنا المستمر لخدمة المجتمع وأمنه، وما يرفع لنا يعمل به على أكمل وجه، حيث هو تقييم جودة الأداء الإداري والأمني لمؤسساتنا الأمنية»، فعلا إنه قول حكيم ومثال يقتدى به ويستشهد بفكره، فكانت الحكمة الإدارية في تقييم ملاحظات المواطن ودراسة مقترحاته ومدى أهمية الأخذ بهما حتى لا تكون هذه الملاحظات البسيطة المبنية على تصرفات فردية شرارة لإفساد جهود منظومة أمنية بأكملها، لذا كانت التوجيهات والمبادرات التنفيذية السريعة من أجل التطوير والتقنين لصالح المواطن.
يشار إلى أن هذه التعيينات حرصت فيها المديرية العامة للأمن الوطني على من تتوفر فيهم الكفاءة من الجيل الجديد ومشهود لهم بالمهنية العالية والنزاهة والتجربة الوظيفية حتى يتسنى لهم التنزيل الأمثل للإستراتيجية الأمنية الجديدة التي تروم خدمة أمن المواطن، عبر تدعيم الإحساس بالأمن، وتجويد الخدمات الشرطية المقدمة للمواطنين، وتوطيد المقاربة التواصلية وتعزيز الانفتاح المرفقي لمصالح الأمن الوطني.
وتأسيسا على التجربة التي راكمها عبد الرحمان عفيفي المراقب العام و نائب رئيس المنطقة الأمنية لمدينة بن جرير مكلف بالأمن العمومي قادما من مدينة مراكش، و هو الذي اشتغل بمجموعة من المدن المغربية مثل الشاون، تمارة ، سلا ، سيدي سليمان ،القنيطرة ،مراكش و قلعة السراغنة.
يمكن إبراز أسس المنهجية التي يعتمدها نائب والي الأمن لمدينة بن جرير في تدبير الشأن الأمني، و هي منهجية تنسجم مع الإستراتيجية الأمنية الجديدة: – التواصل مع كل شرائح المجتمع، لتحسين وتوطيد العلاقة بين رجل الأمن وزرع الثقة بتقريب المؤسسة الأمنية من المواطنين
– اعتماد النهج التشاركي في تدبير الشأن الأمني، لأن هذا الشأن يهم جميع مكونات المجتمع.
– التواجد الدائم في الميدان، وهو الدعامة الأساسية التي تقوم عليها هذه المنهجية، لأن مهمة نائب والي الأمن لا تنحصر في الانزواء داخل المكاتب، في تدبير الملفات أو في عقد وتسيير الاجتماعات وإنما مهمة رجل الأمن تستوجب وتملي ضرورة حضوره باستمرار في الميدان
– تجسيد الحكامة الأمنية على أرض الواقع
– اعتماد الليونة في تدبير الشأن الأمني، وفي حدود ما تسمح به القوانين.
– الحس الأمني صفة خاصة من صفات شخصية عبد الرحمان عفيفي التي تمكن من يملكها من التعرف على الأشياء وإدراكها و التمييز بينها ثم تفسيرها تفسيرا صحيحا والتوقع الصادق لكل الاحتمالات، كما تمكنه من أن يستشعر الأخطار و يعرف مصادرها و بالتالي يستطيع القضاء عليها قبل وقوعها أو مواجهتها بفاعلية فور وقوعها، ويمكن تحقيقها من خلال المراقبة و الملاحظة والدراسة والتحليل. ولاشك أن عبد الرحمان عفيفي يتوفر بامتياز على هذا الحس الأمني بحكم تجربته الغنية والمتنوعة وبحكم تكوينه الأكاديمي في الدراسات القانونية… وهذه الكفاءة العلمية تؤهله لتقدير الموقف واتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب.
إن قناعة عبد الرحمان عفيفي في الأداء الأمني تقوم على مبدأ «الانتماء» فهو مقتنع بهذا المبدأ. إن الشعور بالانتماء هو مكمن الإحساس بالمسؤولية ويحرك المرودية وحافز الغيرة على المؤسسة، وبطارية المبادرة والتفاني في القيام بالمهام المطلوبة، بل إنه يعتقد واثقا أن الانتماء الحقيقي للوطن يبدأ من الانتماء الصادق للمؤسسة التي تمثل حقل خدمة الوطن، وسوف لن يفوت عبد الرحمان عفيفي فرصة لزرع هذا المبدأ في نفوس عناصر وأطر الأمن الذين يشتغلون إلى جانبه، وهذا سيؤهل الجميع إلى الانخراط الواعي والفعال في النهوض بمنطقة بن جرير اجتماعيا إيمانا منه بأنه لا تنمية بدون أمن.
إن التعقيد المتواصل للظاهرة الإجرامية يفرض تحديثا مستمرا للمرفق الأمني ووسائل عمله، خصوصا ذلك الذي يمر عبر تكوين المورد البشري الشرطي تكوين مهني يأخذ بالحسبان التحولات الطارئة على مظاهر الإجرام والانحراف، ويأخذ بعين الاعتبار التطور الحاصل في المجتمع والأفكار والتكنولوجيا و مناهج التكوين والتعليم…ولاشك أن عبد الرحمان عفيفي نائب والي أمن بن جرير الجديد بتكوينه القانوني و العلمي، المهني والميداني قادر على مواجهة التحديات وكسب الرهانات.
إن تسير أوراش المدينة والجهة بشكل جيد، وأن تؤثر على حياة الناس، فإن ذلك يستلزم ألا يكون ذلك على حساب أمنهم، في هذا الإطار نفهم تعيين عبد الرحمان عفيفي نائبا لولي لأمن بن جرير، فذلك تم بناءا على قدرات وكفاءات لازمة في ضبط الملف الأمني في هذه المنطقة التي تحتاج إلى رجل قوي قادر على مواكبة التطورات الجديدة بما في ذلك تنزيل مضامين الحكامة الأمنية كما جاءت في الدستور الجديد.
تجربة عبد الرحمان عفيفي ليست قريبة، واختياره لمنطقة بن جرير كان مبنيا ولاشك على هذه التجربة، فنائب والي الأمن جاء في الوقت المناسب، رجل صارم يعي مسؤولياته، يعالجها بالهدوء اللازم، رجل ساعدته تجربته الطويلة والغنية في التحكم في الملفات المعروضة أمامه.
يرى عبد الرحمان عفيفي أن تنصيبه نائبا لولي أمن وبن جرير يندرج في إطار الإستراتيجية العامة للأمن الوطني القاضية بتشبيب الجهة، وأيضا ضمن سياسة تقريب الأمن من المواطن نظرا لخصوصية المنطقة، وهو واعي كل الوعي بحجم المهام المنوطة به، وكذلك بحجم الانتظارات التي يتعين تجسيدها على أرض الواقع، والعمل من جهة ثانية على التواصل مع المواطنين باعتبارهم عنصرا مهما، وجزءا من العمل اليومي. «
إن السياسة الجديدة لإدارة الأمن الوطني تقوم على سياسة القرب من المواطنين، القرب العاطفي والوجداني، القرب من خلال الارتباط العضوي بالمواطنين المتمثل في الإنصات لهم، إلى همومهم ومشاكلهم المرتبطة بالجانب الأمني، سواء عن طريق الاتصال المباشر أم عن طريق الجمعيات والمؤسسات التي تمثل المواطنين، وهذا القرب الإنساني أنجع من القرب الجغرافي.
هذه السياسة الجديدة التي تقوم على مفهوم جديد للقرب استوعبها نائب والي الأمن عبد الرحمان عفيفي بقناعة مبدئية، بل إنه مؤهل لتجسيدها في الميدان بامتياز، فتح قنوات الاتصال و التواصل مع مختلف المسؤولين في المؤسسات التعليمية، الإدارية والتربوية، مع جمعيات آباء و أولياء التلاميذ، مع جمعيات التجار وأمناء مختلف الحرف والمهن، مع أصحاب التاكسيات الكبيرة، مع الجمعيات الحقوقية والثقافية والرياضية، ومع فعاليات المجتمع المدني التي تنشط في الميادين التي لها علاقة بعمل الشرطة، مثل حماية الطفولة، العنف ضد النساء،محاربة المخدرات وحماية المؤسسات التعليمية..
إن الإستراتيجية الأمنية تراعي بالأساس إلى أن تكون الشرطة أكثر قربا وأكثر حضورا، فرغم الامتداد الترابي للمنطقة، فإن الوضع الأمني متحكم فيه بفضل الجهود الجبارة لرجال الأمن؛ أطرا وعناصر، رغم ما تطرحه المنطقة من مشاكل على غرار باقي المناطق المجاورة. وإذا كانت ولاية أمن بن جرير حققت نتائج معتبرة في الميدان، فإن نائب والي الأمن يرى أن من بين العوامل التي ستغني هذه النتائج، روح التعاون النموذجي الفعال، والتجاوب الايجابي الذي أبان عنه المواطنون في علاقتهم بالمؤسسة الأمنية، وان تعاون الساكنة سيدفع مستقبلا إلى نتائج واعدة على مستوى الأمن الذي بدوره يساهم في تطوير المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
بعد مشوار دراسي ناجح، كان الحصول على شهادة الإجازة في الحقوق. ولاشك أن تكوينه القانوني سيجنبه الشطط في استعمال السلطة، وستكون تدخلاته على مستوى التسيير والتدبير، على مستوى القرار والفعل.. مؤسسة على القانون، خصوصا عندما يتعلق الأمر بمؤسسة ذات حساسية خاصة، إنها مؤسسة الأمن.
وإن التكوين لا يمكن أن ينحصر في نظام مغلق للتكوين يلقن داخل مؤسسات معدة لهذا الغرض، فمهما تم استعماله من تقنيات حديثة ووسائل تعليمية متلائمة، فإن النظام التعليمي هذا سيبقى قاصرا عن بلوغ أهدافه، إذا لم يدعم بالمعاينة عن قرب والاشتراك المباشر في العمليات بالميدان. ويمكن القول أن عبد الرحمان عفيفي جمع بين التكوين النظري والممارسة الميدانية، تجربة مهنية غنية تمتد إلى سنوات، وكانت حقلا للتحقق تجريبيا وواقعيا من نجاعة النظريات العلمية.. عبد الرحمان عفيفي فكر يتحرك، وحركة تفكر.. صاحب عقل علمي، والعلم عندما يقتحم الأمن يصبح أكثر فعالية. إن من تكون تكوينا علميا مؤهل أكثر من غيره لمقاربة الواقع بمنهجية علمية ومفاهيم دقيقة.
الكفاءة المعرفية، النجاعة المهنية والحس البوليسي صفات أهلت عبد الرحمان عفيفي ليرتقي صعودا، وهذا الصعود في الترقي صاحبه تدرج في مناصب المسؤولية التي أسندت إليه.
هكذا يكون الأمن في وطن مستقر حينما تكون العلاقة تكاملية ووطيدة بين الأمن والمواطن ومبنية على أسس أخلاقية ومبادئ إنسانية.
وختامًا، لا يسعنا إلا أن نتوجه بأسمى آيات التقدير والإجلال والعرفان لرجال الأمن والشرطة من طنجة الى لكويرة وهم يحتفلون برأس السنة الميلادية.