في كلمة له خلال افتتاح أشغال الدورة الـ38 لمجلس وزراء الداخلية العرب المنعقدة يومه الخميس 25 مارس الجاري، عبر تقنية “التناظر المرئي”، قال وزير الداخلية “عبد الوافي لفتيت”، إن المملكة المغربية، وعيا منها أن صحة المواطنات والمواطنين جزء لا يتجزأ من المنظومة الأمنية العامة، بادرت، في ظل جائحة “كوفيد-19″، إلى وضع استراتيجية وطنية محكمة، استلهمت فلسفتها ومضامينها من التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس، ومن أبرز سماتها الإستباقية في التخطيط والدقة في التنزيل والواقعية في الإنجاز.
وأوضح لفتيت، أنه منذ تسجيل أول إصابة مؤكدة بفيروس “كوفيد-19” بتاريخ 2 مارس 2020، أقر المغرب مجموعة من الإجراءات والقرارات التي هدفت منذ البداية إلى الحد من انتشار الوباء واحتواء تداعياته السلبية على الحياة اليومية للمواطنات والمواطنين، كان أبرزها إعلان حالة الطوارئ بناء على مرسوم قانون تم سنة في 20 مارس 2020. مشيرا إلى أن استراتيجية المملكة ارتكزت على عدة مستويات من أبرزها المستوى الأمني، حيث تم اعتماد مقاربة ذات حس إنساني تحث على احترام المقتضيات القانونية لحفظ النظام العام والتتبع الأمثل للإجراءات المتخذة، مضيفا أنه تم على المستوى الصحي، إصدار أحكام خاصة بـ”حالة الطوارئ الصحية” كإطار قانوني يتيح للحكومة تأطير الإجراءات الضرورية لمواجهة أي “تهديد صحي”.
وأضاف وزير الداخلية، أن المملكة سنت استراتيجية وطنية للتلقيح ضد فيروس “كورونا”، وضعت لها الإطار الأنسب للتدبير والتنسيق والتتبع سواء على المستوى المركزي أو على المستوى الجهوي والإقليمي، مبرزا أنه تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس، الذي أعطى الإنطلاقة الرسمية لعملية التلقيح يوم 28 يناير 2021، تم إلى حدود هذا اليوم تطعيم ما يناهز أربعة ملايين ونصف مليون مواطن مغربي وأجنبي مقيم بالمغرب، فيما ما زالت العملية مستمرة بشكل سلس وإيجابي وفقا للأهداف المسطرة. مؤكدا أنه ومن أجل الحد من تأثير تداعيات الجائحة والحجر الصحي، تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات المناسبة لتأمين استمرارية الحياة الإجتماعية وإنعاش الإقتصاد الوطني ودعم التشغيل والإسهام في تمويل المشاريع الإستثمارية ومواكبتها، على الصعيدين الوطني والترابي.
ولفت إلى أن من أبرز ما فرضه تفشي فيروس “كورونا” المستجد، التحول المجتمعي العميق الذي يطرأ على القواسم المشتركة لأنماط العيش التي دأبت عليها المجتمعات رغم الإختلاف الذي يطبع مناحي الحياة بها، مبرزا أنه من تجليات هذه التحولات، التسريع المطرد في الإعتماد على التكنولوجيا الرقمية في التواصل بين الأفراد والمؤسسات، وخصوصا في سياق حظر التجول الذي اعتمدته مجموعة من الدول كإجراء احترازي أولي للحد من انتشار الفيروس، مما حدا بمختلف الدول إلى إيلاء أهمية بالغة لمجال أمن الفضاء السيبراني وحمايته من الإختراق ونشر المعلومات المضللة لزعزعة الإستقرار. مؤكدا أنه إذا كان من البديهي مواصلة اليقظة المستمرة إزاء التحديات الأمنية المتعارف عليها، مثل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والإشكاليات الأمنية المرتبطة بمراقبة الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية، فإن مجلس وزراء الداخلية العرب مطالب بوضع مخطط عمل واقعي ومتعدد الأبعاد يرتكز على التنسيق العربي البيني المتواصل في التدبير الأمني بعلاقته مع التحولات العميقة التي يعرفها العالم جراء تداعيات جائحة فيروس “كورونا” المستجد وما ستخلفه من آثار على جميع الأصعدة.
وشدد المسؤول الحكومي، على أن المملكة المغربية، المتجذرة في محيطها العربي والمؤمنة بوحدة المصير مع أشقائها العرب، ملتزمة بمواصلة السير على هذا النهج والإضطلاع بدور فاعل في المجهود الجماعي لدعم أمن البلدان العربية والحفاظ على استقراها ووحدتها الترابية. وأكد أن مجلس وزراء الداخلية العرب شكل منذ لحظة تأسيسه، الفضاء الملائم للتشخيص والتفكير وإيجاد الحلول المناسبة لمواجهة التحديات المشتركة والمتغيرات والتطورات المتسارعة التي يشهدها عالم الجريمة بمختلف أشكالها، حيث اعتمد العديد من البرامج الأمنية البالغة الأهمية، منها ما تمت المصادقة عليه كالخطة المرحلية الثامنة للإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب، والخطة المرحلية التاسعة للإستراتيجية العربية لمكافحة الإستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية، وكذا الخطة المرحلية الخامسة للإستراتيجية العربية للحماية المدنية ومنها ماهي في طور المصادقة بمناسبة انعقاد هذه الدورة.