المغرب الجديد :
في جميع بقاع العالم، ينتصر الحقوقيون للضحايا عندما يتعلق الأمر بالجرائم الجنسية، خصوصا الاغتصاب. أولا لفظاعة الجرم، وثانيا لما تسببه هذه الجريمة من آثار قاسية على نفوس الضحايا، وثالثا، لا يمكن لإنسان سوي أن يتضامن مع “مغتصب” أو “مجرم”.
سواء في قضية حفصة بوطاهر ضحية عمر الراضي، أو قضية الشاب “محمد آدم” ضحية سليمان الريسوني، أو ضحايا توفيق بوعشرين، فإن العكس هو الذي حدث، حيث تعرض الضحايا لشتى أشكال التشهير والتنكيل المعنوي من طرف بعض المحسوبين على الحقل الحقوقي بالمغرب.
ذات الأشخاص، لم يكتفوا فقط بالاصطفاف إلى جانب “المغتصبين”، بل استعملوا أساليب قذرة لتشويه صورة الضحايا وتضليل الرأي العام، مستعينين بوسائل إعلام أجنبية “مشبوهة”، كما لجئوا إلى منظمات خارجية معادية للمغرب لتسييس القضية والتأثير على القضاء.
هذا، بالإضافة إلى حث المتهمين على الإضراب عن الطعام كشكل من أشكال الضغط للمتاجرة بها، غير مكترثين بحياة المتهمين وسلامة أجسادهما، كما دعوا إلى وقفات احتجاجية “تضامنية” بالشارع العام، في خرق سافر لحالة الطوارئ الصحية، فضلا عن الترحيب بتضامن جبهة “البوليساريو” الانفصالية مؤخرا.
وفي هذا الصدد، نظمت ما يسمى بلجنتي الدفاع عن عمر الراضي وسليمان الريسوني، وقفة احتجاجية تضامنية بساحة مرشال بالدار البيضاء، عشية اليوم، 2 ماي الجاري، تدخلت على إثرها السلطات العمومية لتفريقها دون أي استخدام للقوة.
وحسب ما رصده موقع “Maroc Médias” في عدد من مقاطع فيديو الوقفة المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد عمد بعض المشاركين فيها إلى استفزاز عناصر الأمن محاولين الاشتباك معهم، وهو ما لم تتجاوب معه أفراد السلطات العمومية.
وهنا تكمن المفارقة العجيبة التي سجلها عدد من المتتبعين لهذا الملف، معتبرين أن صاحب الحق ليس في حاجة إلى خرق القانون لإسماع صوته، وغير مضطر لاستعمال أساليب ملتوية للنضال أو الدفاع عن براءته، من قبيل التطاول على كرامة الضحايا والتشهير بهن أو التشكيك في روايتهن، خصوصا مع وجود قرائن وأدلة على ارتكاب الجريمة، كما لا يفترض فيه التحالف مع أعداء الوطن لخدمة مصالحه.
وفي المقابل، أشاد عدد من النشطاء الحقوقيين، بروح الصمود العالية التي تحلت به المشتكية حفصة بوطاهر وغيرها من ضحايا الاعتداءات الجنسية، بعد استهدافهن من طرف بعض الحقوقيين داخل المغرب وخارجه.
كما نوهوا بالأسلوب الذي اتبعته هؤلاء الضحايا للدفاع عن قضاياهن وإسماع صوتهن وكذا الرد على جميع محاولات تسييس ملفاتهن، واصفين إياه بالأسلوب الحضاري والرصين.
وفي هذا الصدد، شاركت الضحايا المذكورات، في يومين دراسيين (1 و2 ماي الجاري)، من تنظيم الجمعية لحقوق الضحايا، تمت فيه مناقشة العديد من القضايا المتعلقة بالاعتداءات الجنسية، حيت سيتم الإعتماد على الترافع أمام الجهات المسؤولة سواء في البرلمان أو المؤسسات التنفيذية الرسمية.
كما تم على إثر اليومين الدراسيين، تنظيم إفطار جماعي على شرف الصحافية حفصة بوطاهر و ضحايا توفيق بوعشرين، للتأكيد على روح الصمود العالي للضحايا في مواجهة المغتصبين والتعبير عن التضامن اللامشروط والمطلق مع ضحايا عمر الراضي و سليمان الريسوني إلى غاية تحقيق العدالة المنشودة.