هل للمغرب أن يبقى دون خطة وطنية لليقظة الجينومية ؟

بعد ظهور نسخة جديدة من فيروس كورونا المستجد في بريطانيا والتي تثير قلق الباحثين حول العالم، يطرح هذا السؤال التالي نفسه علينا، هل للمغرب أن يبقى دون خطة وطنية لليقظة الجينومية ؟

و قبل الجواب(بطبيعة الحال) ب “لا” على هذا السؤال، يجب التذكير، فكما هو الحال بالنسبة لفيروس الكوفيد19، فإن الطفرات تنشأ بشكل طبيعي في جينوم الفيروسات كلما تكاثر الفيروس وانتشر بين البشر كميكانيزمات طبيعية للدفاع عن نفسه و حقه في الحياة. و بالفعل تتراكم هذه الطفرات بمعدل حوالي طفرة إلى أربع طفرات شهريًا و نتيجة لهذه العملية المستمرة ، ظهرت عدة آلاف من الطفرات في جينوم الفيروس منذ ظهوره في عام 2019. و لكن الغالبية العظمى من هاته الطفرات، التي لوحظت في جينوم الفيروس، ليس لها تأثير واضح على الفيروس. ومن المرجح أن تكون أقلية صغيرة جدًا من هاته الطفرات تؤثر على تكوين بروتينات وتغير الفيروس بطريقة ملحوظة و لاسيما تراكم مجموعة منها في بروتيين الشوكة التاجي الذي يمكن الفيروس من دخول الخلايا.

و كسابقة و بعد بحث محاكاتي معلوماتي ننشره قريبا إن شاء الله، فإنه بإمكاننا أن نقر اليوم أن هذه الطفرة البريطانية و لوحدها لن تأثر لا على التشخيص و لا على فعالية اللقاحات. و لكن يجب التأكيد أن جينوم فيروس الكوفيد سيستمر في التطور و التنوع مخلفا طفرات جديدة بتأثيرات أخرى. لذا، و جوابا على سؤالنا، فإننا و في مواجهة هذه التغيرات بحاجة إلى يقظة جينومية وطنية ناجعة لجمع بيانات أفضل و لتتبع فعال للتطور الجيني للفيروس.

ومختبر البيوتكنولجيا بالرباط، كمختبر وطني مرجعي في الجينومات، و في إطار المشروع الوطني جينوما، أخذ على عاتقه و منذ بداية الجائحة، و بشراكة مع وزاة التعليم العالي و البحث العلمي و وزارة الصحة، وضع خطة لليقظة الجينومية تمكن من تتبع تطور الفيروس و مدى تأثيره على الحالة الوبائية بالمغرب. و تتمثل أهداف هذا الخطة في تحديد:

1- تأثير هذه السلالات الجديدة على عملية التشخيص

2- تأثير هاته التغييرات الجينومية على زيادة حالات العدوى و التغيير في القدرة على الإصابة للفيروس

3- مدى التسبب في مرض أخطر أو متفاوت الخطورة.

4- تأثير هاته الطفرات على الحماية المناعية التي تحدثتها العدوى و التي قد يؤدي فقدانها

إلى الإصابة مرة أخرى بالفيروس

5- القلق الأكبر، هو فشل اللقاح في إنتاج المناعة البشرية ضد هاته السلالات الجديدة مما قد يشير إلى أن الفيروسات الجديدة قد تقاوم أي تطعيم أو تلقيح

و من أجل يقظة جينومية وطنية ناجعة، تمكن المختبر من اقتناء تقنيتين جديدتين (ThermoFisher et Nanopore Oxford) بالإضافة إلى تقنيتين (Illumina et Sanger ABI3500) تستخدمان منذ 2015 بالمختبر و كذلك الرفع من إمكانيته المعلوماتية للتحلليل الجينومي بالكفائات و المعدات. و ترتكز هذه الخطة لليقظة الجينومية على المبادئ التالية.

1-إجراء تسلسل عشوائي غير محدد للعينات الإيجابية في جميع أنحاء المملكة. و يعد أخذ العينات العشوائية بجميع الجهات أمرًا مهمًا لالتقاط التغطية الإقليمية لتسلسل العينات الإيجابية بالمغرب

2- نشر تقرير شهري لتسلسل الجينومات و تمكين جميع وكالات الصحة العامة المغربية منه

3- نشر نسخة مفتوحة و مقتضبة ومتاحة على نطاق واسع للعموم عبر منصة جينوما

4- أخذ عينات من البؤر الوبائية و تحديد تسلسل جينومات الفيروس بها

5- إجراء تسلسل جينومي لجميع حالات عودة الإصابات عند بعض الأشخاص

6- المحاكات المعلوماتية لمعرفة آثار هذه الطفرات على بنية الفيروس وتشخيصه و استعمال اللقاح و التفشي و خطورة المرض …

و بعد إجراء تحليل لسبعين عينة عشوائية بجهة الرباط سلا و القنيطرة، نحن فخورون أن نمد الجمهور العريض بمقتضب أول تقرير مغربي لليقظة الجينومية و ذلك لشهر دجنبر 2020 و الذي تبين من خلاله أن :

1- لا وجود للسلالة N501Y لحدود الآن بهذه الجهة و التحليل مازال مستمرا لبيانات جهة الدارالبيضاء.

2- لا وجود للسلالة N501Y في أكثر من 170 جينوم حلل منذ شهر مارس و على المستوى الوطني

– أنه تم ضبط أربع حالات إصابة للمرة الثانية و يتم حاليا إعادة تحليل تسلسل جينوماتها

بالفعل و رغم كل الإكراهات … نعم نستطيع

و حفظنا الله جميعا…..

 

*نقلا عن صفحة عز الدين إبرايهيمي، مدير مختبر البيوتكنولوجيا الطبية بجامعة محمد الخامس وعضو اللجنة العلمية الوطنية كوفيد 19. *

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.