التحول الرقمي في قطاع التأمين: أرقام وإحصائيات هامة..

المغرب الجديد:

بقلم الأستاذ :اسليماني مولاي عبد الله

شهد قطاع التأمين خلال العقود الأخيرة تطورًا كبيرًا، خاصة مع تسارع وتيرة التحول الرقمي الذي أحدث ثورة في طريقة تقديم الخدمات التأمينية. لم يعد التأمين يقتصر على الإجراءات التقليدية الورقية أو التفاعل المباشر مع وكلاء التأمين، بل دخلت التكنولوجيا بقوة لتصبح الخدمات التأمينية أكثر مرونة وسرعة عبر الإنترنت ومن خلال التطبيقات المحمولة. يُعرف هذا النمط الجديد بالتأمين عن بُعد، والذي أتاح للمستخدمين إمكانية إبرام عقود التأمين ومتابعة ملفاتهم من أي مكان وفي أي وقت، مما ساهم في تحسين تجربة المستخدم وتعزيز كفاءة الشركات التأمينية.

في عام 2022، بلغ حجم سوق التأمين العالمي حوالي 6.82 تريليون دولار أمريكي، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 8.4 تريليون دولار بحلول عام 2025، وهو ما يعكس أهمية هذا القطاع ودوره الحيوي في الاقتصاد العالمي. مع تزايد الطلب على خدمات التأمين عن بُعد، سجلت الأسواق الرقمية نموًا ملحوظًا، حيث وصلت قيمة سوق التأمين الرقمي إلى 4.5 مليار دولار في عام 2020، ويتوقع أن ينمو بمعدل سنوي مركب قدره 11.9% حتى عام 2028. هذا التحول الرقمي ليس مجرد اختيار، بل أصبح ضرورة لتلبية احتياجات المستهلكين في عصر التكنولوجيا.

وفي المغرب، قطاع التأمين يُعد من أكثر القطاعات نموًا في شمال إفريقيا. في عام 2022، بلغ حجم أقساط التأمين حوالي 46.7 مليار درهم مغربي (حوالي 4.8 مليار دولار)، مسجلًا نموًا بنسبة 9.5% مقارنة بالعام السابق. المغرب يحتل المرتبة الثانية في سوق التأمين على مستوى القارة الإفريقية بعد جنوب إفريقيا، والمرتبة 51 عالميًا. يساهم هذا القطاع بما يقارب 3.7% في الناتج الداخلي الخام للبلاد، مما يعكس دوره الحيوي في الاقتصاد المغربي.

على مستوى التأمين الرقمي، تسارع التحول الرقمي بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة في المغرب. جائحة كوفيد-19 ساهمت بشكل كبير في دفع المزيد من الشركات المغربية إلى تبني الحلول الرقمية، حيث ارتفعت نسبة المعاملات التأمينية الرقمية بنسبة تجاوزت 30% في عام 2021 مقارنة بالسنوات السابقة. يُقدر أن حوالي 20% من تعاملات التأمين في المغرب تتم حاليًا عن بُعد، مع توقعات بزيادة هذه النسبة لتصل إلى 40% بحلول عام 2025.

شركات التأمين لم تكن بعيدة عن هذا التحول، حيث أظهرت دراسة لمؤسسة “PwC” أن أكثر من 70% من شركات التأمين الكبرى تبنت حلول التأمين الرقمي أو تخطط للقيام بذلك في المستقبل القريب. هذا التحول لم يقتصر على الأسواق العالمية فقط، بل امتد أيضًا إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث بلغ حجم سوق التأمين في هذه المنطقة حوالي 58 مليار دولار في عام 2021، مع نمو واضح في بلدان مثل المغرب الذي حقق نمواً بنسبة 9.5% في عام 2022.

في سياق آخر، شهد التأمين الصحي عن بُعد ارتفاعًا كبيرًا في بعض الأسواق المتقدمة. فعلى سبيل المثال، ارتفع استخدام خدمات التأمين الصحي عن بُعد بنسبة 154% في الولايات المتحدة خلال فترة الجائحة، ما يعكس اعتمادًا متزايدًا على هذه الخدمات الرقمية في مختلف القطاعات. أما في أوروبا، فإن التأمين الإلكتروني يمثل ما يقارب 30% من إجمالي التعاملات التأمينية في دول الاتحاد الأوروبي، فيما تصل هذه النسبة إلى ما بين 40% و50% في بلدان مثل ألمانيا والمملكة المتحدة، مع توقعات بزيادتها إلى أكثر من 60% بحلول عام 2030.

إن التحول الرقمي في قطاع التأمين لم يعد مجرد خيار ثانوي بل أصبح عنصرًا أساسيًا في تقديم خدمات متكاملة وسريعة، تستجيب لتوقعات المستهلكين وتواكب التحولات التكنولوجية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.