المغرب الجديد:
في عصر يعج بالأفكار المتضاربة والتفسيرات المغلوطة، يظهر البعض محاولًا ارتداء عباءة المثقف الثائر، مقتبسا نصوصا أدبية وفلسفية لإضفاء الشرعية على أفعال هدامة ومواقف تحريضية. وآخر هذه الأمثلة هو استشهاد عبد المومني بمقولة الفيلسوف والشاعر الفرنسي رينيه شار: “ما يأتي إلى العالم دون إحداث أية خلخلة لا يستحق اعتبارا ولا صبرا”.
هذه المقولة، التي وُلدت في سياق أدبي وفكري محدد، تم استغلالها بشكل مريب ومُضلل من طرف فؤاد عبد المومني، لتبرير أجندات فوضوية وزعزعة الاستقرار المجتمعي. وكأن الحكمة والعمق الفكري يمكن أن يتحولا إلى أداة رخيصة في أيدي من يفتقرون لفهم أساسيات البناء الفكري والاجتماعي.
إن التغيير الحقيقي ليس زعزعة للنسيج الاجتماعي أو تحريضا على الفوضى، بل هو عملية تراكمية تتطلب الصبر والعمل الجاد والحوار البنّاء. المجتمعات التي تنهض وتتطور هي تلك التي تتبنى الإصلاح المنهجي والنهج الديمقراطي المبني على الاحترام المتبادل، وليس تلك التي تلجأ إلى إثارة الفتن والصراعات.
إن تحوير مقولة مثل هذه لتبرير التحريض على الفوضى يُظهر عجزا فكريا ورؤية ضيقة للتغيير. فالمجتمعات التي سقطت في هاوية الفوضى، بدعوى التغيير، لم تخرج منها إلا بأثمان باهظة، كانت الوحدة الوطنية والاستقرار الاجتماعي أبرز ضحاياها.
محاولة عبد المومني الظهور بمظهر الثائر الحالم تكشف عن قصور في إدراك الفرق بين البطولة الحقيقية، التي تبني ولا تهدم، وبين مجرد صراخ في وجه الجدران دون رؤية واضحة. إن ادعاء “الثورية” من خلف شاشة أو خلال تصريحات تُثير البلبلة أكثر مما تقدم حلولا، ليس إلا محاولة للفت الأنظار، وليس للسعي نحو الإصلاح.
المجتمع الواعي هو الذي يميز بين دعوات التغيير البنّاء والدعوات التخريبية. ومَن يستغل النصوص الأدبية والفلسفية لتمرير أجنداته الهدامة، إنما يسيء للأدب والفكر وللمجتمع في آن واحد. فلا يمكن للحكمة أن تكون أداة لتبرير الفوضى، ولا يمكن للثقافة أن تتحول إلى منصة لنشر التشظي والانقسام.
💢التغيير الحقيقي لا يبنى على الفتن، بل على الحوار والعمل الجاد. كفاك من استغلال الأدب، لتبرير التحريض..!