كان لافتاً لدرجة كبيرة مستوى استقبال وتفاعل المواطنين المغاربة الأوفياء للبلاغات الصادر عن المديرية العامة للأمن الوطني ومديرية مراقبة التراب الوطني في السنوات الماضية الأخيرة حول القبض على مجموعة أشخاص وصفتهم البلاغات أنهم « قاموا بعمل منظّم للتجاوز على الثوابت الوطنية، والتواصل المشبوه مع جهات خارجية فيما يدعم أنشطتهم، وتجنيد أشخاص ، وتلقي الدعم المالي من جهات معادية في الخارج، بهدف النيل من أمن واستقرار المملكة وسلمها الاجتماعي والمساس باللحمة الوطنية «.
والذي كان لافتاً – ولم يكن مفاجئاً لأنه ليس الأول من نوعه – هو مستوى الوعي الكبير الذي استقبل به المواطنون المغاربة هذه البلاغات، وإجماعهم الواضح على الترحيب بجهود ويقظة وحرص رجال أمن للتصدي لكل ما ينال من أمن واستقرار الوطن، وثقتهم الكاملة في مستوى الأداء المهني العالي والمخلص للأجهزة الأمنية المغربية، ذات التاريخ المشرّف لرجالها المخلصين لشعار” الله- الوطن- الملك”، وإدراك المواطنين الواعي لمثل هذه الحيل والأساليب التي يحاول الخارجون عن الإجماع الوطني توظيفها للإساءة للوطن واستقراره.
إن الراصد والمتتبع لأساليب المحرّضين على الوطن الساعين إلى زعزعة أمنه واستقراره منذ عقود من الزمن، يلاحظ كيف أنهم كانوا قديماً يمتطون وسائل حقوق الإنسان والتدين ويوظفون شعارات الحقوق والتدين، محاولين استغلال العاطفة الدينية العميقة والقوية في المجتمع المغربي، فكانوا قديماً يحاولون التأليب على أمن الدولة واستقرارها بشعارات إنكار المنكرات، ويحشدون الصفوف ويبثون الرسائل في أوساط المجتمع للتحريض والإثارة تحت هذه الحجج..
وحين تم ضربهم وإسقاط وفضح أساليبهم،، وتنبه المغاربة إلى التناقض المفضوح الذين يرتكبونه حين يضخمون أمر بعض الأحداث العادية التي تجري في المملكة من المخالفات القانونية التي لا يخلو منها مجتمع ولا زمان، ويغضون الطرف تماماً عن المنكرات العظيمة التي تعارض مبادئ حقوق الإنسان الكونية، مما يحدث في الدول ذات الارتباط الوثيق معهم الداعمة لنشاطهم؛ أقول حين افتضح كل ذلك مؤخراً ها هم الآن يحاولون توظيف شعارات جديدة يسعون وراءها لكسب التعاطف الخارجي، والضغط على دولتهم في وقت هي أحوج ما تكون إلى تكاتف وتعاون وتفهم ووعي مواطنيها لمواجهة المخاطر العظيمة التي تحيط بها.
إن الوعي الكبير للمواطن المغربي أمام مثل هذه الأساليب والشعارات، يستحضر بشكل واضح عدداً من الحقائق المرتبطة بها والتي من أهمها:
أولاً: أن لعبة المنظمات الحقوقية وتقاريرها باتت فاقدة لكل المصداقية والاحترام الذي كان باقياً لها، لما أثبتته الوقائع الكثيرة المتوالية من الاختراق الواضح والأهداف المشبوهة لغالب هذه المنظمات، وأن لها أجندة خفية تسعى لزعزعة استقرار الدول التي تستهدفها، لتحقيق مخططات تخدم مصالح دول وأطراف أخرى.
حيث وجوه سياسية فاشلة عمرت طويلا وتسببت في شل حركة أحزابها ونقاباتها، لكنها ترفض الرحيل والتقاعد، ووجوه “حقوقية” هرمت ولا زالت تتشبث بشتى الوسائل، بما في ذلك التضامن فيما بينها، بثدي القطاع الحقوقي الذي ترضع منه وتحلبه منذ عشرات السنين، حتى صارت عالة على القطاع وصار طردها ومحاربتها من أولوية الأولويات للسير بالحقل الحقوقي وبالمجتمع المدني نحو الأمام.
لقد سبق و أن تم الكشف عن فضائح أخلاقية لهؤلاء الكائنات التي تتخذ من الحداثة ومن مبدإ الحريات الفردية مظلة وغطاء لربط علاقات جنسية متشعبة، أبطالها يعرفهم الجميع داخل هذه الفضاءات منهم من يرفضها ويتحدث عنها وراء الكواليس دون التصريح بها علنا، ومنهم من يتستر عليها لسبب أو لآخر. وقد ضاق الحال ببعض أنواع النضال حتى أصبح بعض القياديين لا تحلو لهم السهرات إلا بجانب فتيات في أعمار أحفادهم.
فأين هي هذه الشعارات الزائفة التي غابت تماماً عن نصرة قضايا الشعوب المسحوقة التي أريقت دماؤهم وانتهكت أعراضهم وسلبت أراضيهم وسحقت كل حقوقهم الإنسانية، ؟!.
ثانياً: أصبح من المكشوف والثابت الدور القذر الذي لعبته الكثير مما يسمى بالمنظمات الحقوقية التي كانت أداة فاعلة في أحداث ثورات الخراب العربي التي دمرت عدة دول عربية وقضت على ما كان فيها من استقرار وأمن ودمرت اقتصادها وبنيتها التحتية بالكامل.
ثالثا: لقد آن الأوان للتحلي بالجرأة والشجاعة لمساءلة بعض الوجوه كالجد الحميد أمين، والمعطي منجيب، وفؤاد عبد المومني والنويضي و”الهانم” خديجة الرياضي، على سبيل المثال لا الحصر، عن حصيلة عقود من احتكارهم للمسؤولية في العمل الحقوقي والجمعوي في المغرب.
وختاماً فإن هذا الموضوع ذو شجون لا يستوعبه مقالٌ قصر، إنما أردت التنويه عن عناوينه فقط، وختاماً أؤكد أن المواطن المغربي اليوم لا يمكن استغفاله بمثل هذه الشعارات المفضوحة، وأنه بات يعيش حلماً وطنياً كبيراً جداً يصفه الشباب بمشروع (المغرب الجديد، والمملكة المغربية العظمى) وضع أسسه، وأطلق بواكيره، وقاد خطط تحقيقه فارس المملكة المغربية جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وأيده الله، الملك الشاب الذي راهن على الشباب، ودعاهم فأجابوه، وصاروا يتسابقون بكل عزم وطموح ليجدوا لأنفسهم مواقع في مركب رؤيته الوطنية (2030).
وأمام هذا الوعي والطموح المغربي الجديد تحطم وسيتحطم كل محاولات للنيل من عزيمتنا وإصرارنا، أو هزّ ثقتنا في أمننا واستقرارنا، إن استخدموا شعار الحقوق، أو شعار التدين، أو أي شعارات أخرى فارغة، فالمملكة المغربية أولاً ومن بعدها الطوفان.